ترتبط السمنه بصورة وثيقة بالعديد من أمراض العصر المزمنه، مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، و أمراض القلب والشرايين. هذه الأزمة الصحيه لا تقتصر فقط على البالغين في كندا، بل بدأنا نراها في أطفالنا ايضا. واحد من كل ثلاث اطفال وأكثر من نصف البالغين يعانون من زيادة الوزن.
أوضحت دراسة حديثه بأن نسبة السمنه تزايدت بمعدل عشرة أضعاف بين العام ١٩٧٥ والعام ٢٠١٦. في العام ١٩٧٥ كان هناك ما يقدر بخمسة ملايين فتاة يعانون من السمنه في العالم، وأرتفع هذا الرقم الى أكثر من ٥٠ مليون فتاة. هذا العدد ارتفع من ما يقارب ٦ ملايين من الذكور الى ما يزيد على ٧٤ مليون في العام ٢٠١٦. أعلى نسبة زيادة لوحظت في دول شرق آسيا، الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، وجنوب آسيا؛ تتبعها كندا وأمريكا وبريطانيا.
لماذا يعتبر القضاء على سمنة الأطفال من الأركان المهمه لأسترجاع صحة المجتمع؟
مع تزايد الأطفال الذين يعانون من السمنه، بدأنا نرى أمراضا كان تشخيصها يقتصر على البالغين فقط. عدد كبير من الأطفال شخصوا بمرض السكري من النوع الثاني، بعضهم بعمر يصل الى الخمس سنوات. أيضا ارتفاع ضغط الدم، الأختناق خلال النوم (sleep apnea)، أمراض المفاصل، وارتفاع نسبة الدهون بالدم. وأذا لم يصابوا بهذه الأمراض خلال فترة الطفولة، فهم بخطر الأصابة بها بأعمار أصغر مقارنة بالبالغين ذوي الأوزان الطبيعية. ما يضاعف أهمية هذه المشكلة أن فقدان الوزن وثم المحافظة عليه يعتبر صعب الحصول.
من ناحية أخرى للسمنه تأثير سلبي على مزاج الأطفال، وتعرضهم للأستهزاء من قبل أقرانهم. ومن الممكن ان تنتج بأنخفاض التحصيل الدراسي للطفل.
من أهم العقبات التي تواجه أطفالنا في كل مكان، هو كونهم ضحية سهله للأعلانات الموجهه من شركات الأغذية التي تروج الأطعمة الغنية بالسكر والسعرات، والخالية من القيمة الغذائية.
ما هو السبب وراء هذه الظاهرة؟
لا يخفى على أحد بأن هناك تغير كبير بالغذاء الذي يتناوله أطفالنا اليوم، مقارنة بالغذاء المتوفر في العقود السابقة. مع تقدم السنين نجد بأن الأطعمه الجاهزة متوفرة بكثرة، وألغت الحاجة لتحضير الكثير من الأطعمه بالمنزل. لتعزيز نكهات هذه الأطعمه، قامت الشركات بأضافة السكر والملح والمنكهات المختلفة. يوجد السكر كأحد المكونات لما يقارب ٨٠٪ من الأطعمه المصنعه في الأسواق. هذا بالأضافة لكون السكر المكون الرئيسي لمعظم المشروبات المتوفرة. يعتقد الكثير من الأهل بأن أختيارهم للعصير أو المشروبات المروجه على انها رياضية، او الحليب المطعم، هو اختيار صحي لأولادهم. ولكنهم لا يدركون بأن معظم هذه المشروبات تحتوي على كميات كبيرة من السكر، بعضها يفوق ما تجده في علبة الكوكا كولا. كما نجد أن العديد من الأشخاص يختار حبوب الفطور (cereal) كطعام صحي للأطفال، لعدم معرفتهم بأن معظمها يحتوي على كميات كبيرة من السكر. في حملة قادتها الصحة العامه (public health) في بريطانيا، وضحت ان الطفل بعمر خمس سنوات يتناول ما يعادل وزنه من السكر في العام الواحد.
ما هي كمية السكر التي يسمح لك بتناولها يوميا؟
حسب منظمة صحة القلب الأمريكيه، في توصياتها في منتصف العام الماضي: الأطفال بعمر يقل عن سنتين يجب أن لا يتناولوا أي طعام أو شراب يحتي على سكر مضاف. بينما يمكن للأطفال بين عمر ٢-١٨ سنه تناول ٢٨ غرام من السكر، بما يعادل ٦ ملاعق كوب من السكر يوميا. نصحت أيضا بعدم تناول الأطفال أكثر من مشروب واحد محلى بالسكر في الأسبوع.
أيضا في هذه التوصيات، حددة المنظمه الحد الأعلى للبالغين ب ٦ ملاعق للنساء و٩ ملاعق للرجال.
لتقريب الصورة للقاريء: علبة كوكا كولا واحدة تحتوي على ٩ ملاعق كوب من السكر، وعلبة عصير صغيرة (cranberry juice) تحتوي على ٦ ملاعق من السكر. كما تحنوي واحدة من شوكولاتة (mars) على ٨ ملاعق من السكر. ما يضيف التعقيد لهذه المشكلة: أن هناك ٥٦ أسم مختلف للسكر المضاف للأطعمه المصنعه، مما يجعل التعرف عليه صعب للعامة.
ما الذي يمكننا فعله كأولياء أمور؟
من المهم أن نتمعن النظر فيما نوفره كغذاء لأطفالنا. أختيار الغذاء الصحي يجب أن لا يقتصر على أفراد العائلة الذين يعانون من زيادة الوزن، ولكن يجب أن يشمل الجميع. الدرس الذي تعلمناه من تجربتنا مع السمنه، بأن منعها أسهل بكثير من علاجها. من أولى الخطوات بأتجاه صحه أفضل هي تجنب الأطعمه المصنعه، وطبخ الوجبات في المنزل بأستخدام المكونات الطبيعيه. أبتعد عن شراء الأطعمه التي تحتوي على أكثر من خمسة مكونات، أو التي تدرج السكر كاول أو ثاني المكونات.
عند التسوق أنصحكم بالبقاء على أطراف المتجر، وتجنب الممرات في الوسط، حيث أن معظم الأطعمه المصنعه والغير الحقيقية توجد على هذه الأرفف.
لنكن قدوة لأطفالنا بأختيار الماء كالشراب الرئيسي عند العطش. تجنب شراء الأشربة المحلاة بالسكر ومن ضمنها عصير الفواكه. أذا كنت تريد الفائدة الصحيه للفاكهه، أنصحك بتناولها كاملة بدل عصرها.
قد تعتقد أن أضافة العناصر الصحية لغذائك، وتجنب الأطعمه الغير الحقيقيه سيكون صعب، وسيواجه بالكثير من المقاومة من أطفالك. ولكن تذكر أن أطفالنا يمكنهم أكل فقط ما نجلبه الى البيت، فأذا تخلصنا من البدائل السيئه التي كانت تملأ خزاناتنا ومطابخنا، لن يكن لهم خيار سوى تناول ما توفره لهم.
أتمنى لكم ولأطفالنا الصحه الدائمه.