سؤال من إحدى الأخوات:
عالمنا اليوم يخوض حربان. الاولى حرب ضد الاٍرهاب والثانية حرب ضد الكاربوهيدرات!
في سنوات الاربعينات والخمسينات والستينات وحتى السبعينات من القرن الماضي مائدة الطعام كانت لاتخلو من الخبز في كل وجبة بالاضافة الى الرز والبطاطة وكان الناس رشيقي القوام خصوصاً الصبايا والنساء فكن كالغزالات يتبخترن بالخصور النحيلة والقوام المفتول!
والسؤال الذي يؤرقني جدا
لماذا اليوم الكاربوهيدرات اصبحت متهمة وشنت عليها حرب شعواء؟؟؟
الأخت العزيزة:
نشكركم على هذه الملاحظة. يسعدني انك ذكرتي بتعليق اخر انك باحثة مما يسهل الأمر علي، حيث اجد ان الأشخاص العالمين منفتحين أكثر للقراءة والتعلم. أرجو ان تكون المعلومات والمصادر التالية كافية للأجابة على سؤالك.
⁃ في الأربعينيات من القرن الماضي كانت الموائد لا تخلى من الخبز. ولكن الخبز كان يطحن بمطاحن حجرية بمعنى انه حافظ على كمية الالياف ولَم تتم تكسير الحبوب والالياف الى جزيئات متناهية الصغر كما هو الحال مع الطحين المتوفر في الأسواق الآن. الدراسات واضحة بأن كلما زاد تكرير الدقيق والحبوب كلما سهل امتصاصها وكلما نتجت بأرتفاع اكبر لهرمون الأنسولين في الجسم للتعامل مع كمية الجلوكوز الكبيرة التي دخلت الجسم. الشيء الاخر أن الحصول على الخبز في ذلك الوقت كان يتظمن الكثير من الجهد ومن المؤكد انه لم يكن متوفر بهذه الكثرة وبهذا السعر الزهيد . أنا اجد من الصعوبة ان أصدق ان اجدادنا كان بأمكانهم ان يفتحوا الثلاجة في أي وقت من اليوم لأخذ رغيف أو اثنين من الخبز و أكل شطيرة من الجبن والمربى كوجبة خفيفة بين الافطار والغداء.
⁃ الموائد بالأربعينيات أو الخمسينيات كانت تخلو من المشروبات الغازية أو العصير بالعبوات العائلية. لم يكن هناك خزانات مطبخ مليئة بعلب الكورن فليكس أو ما لذ وطاب من البسكوت و رقائق البطاطا. السكر لم يكن متوفر بالكميات التي نراها الآن وبهذا السعر. أنا متأكدة ان اجدادنا لم يستطيعوا تناول قطعه أو قطعتين من الكيك المغطى بكمية كبيرة من الكريم يومياً مع الشاي. ومن المؤكد انهم لم يستطيعوا ان يذهبوا الى الأسواق لشراء المعجنات ، البسكوت، او الكب كيك بالعلب العائلية. لم يرسلوا اطفالهم الى المدارس بشنط مليئة بالعصير، الحليب المطعم، الحلويات والشوكولاته. لنتصور ان اجدادنا جائوا من الأربعينيات الى بيوتنا ومطابخنا الآن، هل سيمكنهم التعرف على ١٠٪ من ما تحويه مطابخنا وخزاناتنا؟
⁃ الصور التالية قد توضح الفرق بين ما كان الناس يتناولون في بدايات القرن الماضي مقارنةً بيومنا هذا. من الواضح ان الكاربوهيدرات المتناولة تشكل الفرق الرئيسي على مدى السنين.



– من المتوافق عليه بأننا اليوم نتناول من السعرات مايقارب ٢٤٪ اكثر من عام ١٩٦١، معظم هذه الزيادة تأتي من الأطعمة المصنعة : الزيوت النباتية ومنتجات الحبوب. ومن الواضح أن هذان المكونان الرئيسيان للمخبوزات التي تحاصرنا من كل زاوية.
أليست الدهون السبب الرئيسي في أمراض العصر؟ – أمراض العصر الحديث التي بدأت تنتشر بشكل مرعب في هذا الجيل والأجيال القادمة. معدلات الإصابة بالسكري و متلازمة اضطراب الأيض بتصاعد مستمر.

ولكن: ألم تحذرنا منظمة الصحة العالمية من الدهون المشبعه في الستينات من القرن الماضي؟ الم تلجأ عوائلنا الى تناول الزيوت النباتية الغير مشبعة والمارجرين وأبتعدنا عن الدهون الحيوانية ؟
أذاً هل ان تناول هذه الزيوت المكررة أو المصنعة هو السبب بالمشكلة الصحية التي نعاني منها حالياً؟ من المؤكد انها تلعب دوراً كبيراً في تدهور صحتنا وظهور أمراض العصر. لذلك كنّا ولا زلنا ننصح بالأبتعاد عن الأطعمة والدهون المصنعة أذا أردنا أسترجاع صحتنا
.
للتعرف على متلازمة إضطراب الأيض
هل يمكننا استرجاع صحتنا بالرجوع الى ما كان يتناوله أجدادنا؟ أليس الإعتدال في تناول كل أصناف الطعام هو الحل؟
-
لقد تمكن اجدادنا من العيش لعشرات السنين بصحة ، عندما كان السكر من النوع الثاني نادر الحدوث، ويحدث فقط مع تقدم العمر. السبب الرئيس وراء هذا هو لأنهم تناولوا فقط الأطعمة الحقيقيه، من المزرعة وليس من المصنع ، حيث الفواكه كانت تتوفر في وقت معين من السنه، والسكر كان سلعه نادرة الوجود، ولَم يكن الطعام متوفر بكثرة، فلم يستطيعوا الإفراط فيه. لم تكن هناك مطاعم الوجبات السريعة، بما يعني انهم لم يأكلوا أثناء ساعات العمل المضني بعيداً عن بيوتهم. إنطبقت هذه الصفات على عاداتهم الغذائية منذ سنين الطفولة.
-
هذا يعني اننا اذا اتخذنا هذه الخطوات مع أطفالنا، لن نضطر لتجنب اي عنصر معين من الغذاء على حساب الاخر. وهذا أيضاً ينطبق على الأصحاء من البالغين: اذا كنت لا تعاني من السمنه، السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الدهون الثلاثية، أو تشحم الكبد: انت شخص محظوظ، وسيمكنك تناول الطعام بإعتدال من جميع المجموعات الغذائية.
-
عندما نسمع الكثيرين يتحدثون عن الأعتدال، السؤال المحير هو: ما هي الأطعمة التي تتحدثون عنها؟ هل نتحدث عن الأطعمة الحقيقيه ( الحبوب، اللحوم، الخضروات، والفواكه)، أم تتحدثون عن تناول المشروبات الغازية بأعتدال مع تناول الوجبات السريعه، والحلويات، والمثلجات ؟
-
ماذا اذا كنت من الأغلبية غير المحظوظة المصابة بأمراض العصر الحديثة المذكورة أعلاه؟ هنا الموضوع يدخل في إطار العلاج وليس الوقاية. ومن المعروف بأن أي علاج يتطلب تدخل أكبر وتشدد أكثر من الوقاية.
-
خلال الخمسين سنه الفائتة النصيحه الطبيه كانت ولا زالت هي تقليل الدهون في الطعام. الاغذية القليلة الدهون موجودة في كل مكان، الوصفات القليلة الدهون في كل المجلات، طبيبك وجارك وصديقك كلهم ينصحوك بتقليل الدهون في طَعَامِك. ما يثير الدهشة هو انك نادراً ما تجد أحداً يتململ ويشتكي من ” الحملة الشعواء” ضد الدهون. أما اذا سمعت نصيحة مشابهه عن الكاربوهيدرات ، ستجد كل أشكال التأفأف او حتى المعاداة. هل يمكن أن يكون السبب راجع الى حقيقة ان الكاربوهيدرات المكررة ( السكر، الطحين، الفركتوز) هي عالية الإدمان، فإذا طلبت من الأشخاص تركها سيصابون بالعصبية ويشعرون بأهمية دفاعهم عن مواقفهم؟ لماذا النظام القليل الكاربوهيدرات يهاجم بشكل أكبر من حركة النباتيين ، او الأطعمة الخالية من الدهون؟ هل السبب هو أن البروتين والدهون غير مسببة للإدمان؟