خلال عشرات السنوات السابقة وحتى الان، عندما نتسائل عن كيفية فقدان الوزن، عادة ما نتلقى النصيحه التقليدية : قلل من طَعَامِك وزد من مجهودك العضلي. هذه النصيحه تعتمد على المبدأ المعروف : فقدان الوزن هو نتيجه لعملية رياضية بسيطه
السعرات المتناوله بالغذاء – السعرات المحروقة
اذا كانت نتيجة المعادله سلبيه ، إذاً انت بحالة فقدان الوزن. ادا كانت الكمية الداخلة مساويه للخارجه: هذا يعني انك ستحافظ على وزنك الحالي، اما اذا تناولت اكثر من ما تحرق فهذا يعني انك ستكسب الوزن.
إذاً الحل لمشكلة السمنه بسيط جداً: تناول كمية قليله من السعرات الحرارية!!! ولكن هل هذا صحيح؟ اذا كان الحل بهذه البساطة ، لماذا شعوبنا تعاني من تمدد الكروش ومضاعفة الأوزان ؟
هذه النظرية تعاني من عدد من المشاكل:
- هذه النظرية تفترض ان السعرات متساوية. بما معناه ان تناول ١٥٠ سعرة بشكل مشروب غازي او بشكل حفنة من اللوز لها تأثير متساوي على الجسم. هذا غير صحيح حيث ان السعرات القادمة من المشروب الغازي تنتج بارتفاع كبير بمستوى الأنسولين تنتج بخزن الكثير من هذه السعرات على شكل شحوم. هذه الكمية الكبيرة من الأنسولين ستنتج بانخفاض معدل السكر بالدم بعد خزنه على شكل دهون، مما يؤدي الى الشعور بالجوع والرغبة بتناول المزيد من الطعام. بالمقابل عند تناول اللوز وهو غني بالسعرات، ولكنه غني بالألياف أيضاً. هذه السعرات ستنتج بارتفاع طفيف جداً بالأنسولين ، مما ينتج بتوفر هذه السعرات بالدم ليقوم الجسم باستخدامها كمصدر للطاقة، بدون خزن اي منها على شكل شحوم. كنتيجة لتوفر الطاقة للخلايا، الجسم سيشعر بالاكتفاء وعدم الجوع لفترة أطول.
هذا يعني ان السعرات يجب ان تقاس بتأثيرها على الجسم، لا بعددها.
- حتى ننجح بفقدان الوزن باتباع هذه النظرية ، يجب علينا التحكم بعاملين : الكمية المتناولة والكمية المفقودة . لنفترض اننا نجحنا بتناول عدد محدود من السعرات، هل يمكننا التحكم بعدد السعرات المفقودة؟
هل تعرف بأن حرق معظم السعرات الداخلة الى الجسم يحدث خلال عملية الأيض . هذه العملية مسؤوله عن توفير الطاقة التي تحتاجها الخلايا للقيام بعملياتها الحيوية . مثال على ذلك: العضلات، خلايا الدماغ، جدار الأمعاء . تصور ان جسمك متعود على تناول ٢٥٠٠ سعرة حرارية يومياً. ، النظام الدقيق في الجسم سيقوم بتخصيص معظم هذه السعرات كوقود للخلايا خلال عملية الأيض . فجأةً قررت ان تتبع نظام غذائي محدود السعرات لنفترض مستخدماً ١٥٠٠ سعرة باليوم. خلال الفترة الاولى جسمك لا يزال معتاداً على استهلاك كمية اكبر من السعرات لذلك ستفقد بعض الوزن. من ثم الجسم سيحاول التقشف والحد من حرق السعرات المتناولة، حيث ان الجسم مقبل على مجاعه. هذه العمليه تتمثل بتقليل الطاقة الموجهه الى العضلات (تنتج بالخمول)، الطاقة المستخدمة لتدفأة الجسم (تنتج بالشعور بالبرد)، حتى الطاقة الموجهه الى الدماغ ( تنتج بفقدان التركيز). نتيجة لهذا ينخفض معدل الأيض بالجسم مؤدياً الى توقف نزول الوزن. في نفس الوقت يزيد الشعور بالجوع (غريزة في جسم الانسان لتحافظ على حياته وتسترد الطاقة المفقودة). هذه الحالة الاخيرة هي السبب من وراء كوّن معظم الأنظمة المحدودة السعرات تقابل بمشكلة صعوبة الاتباع لفترات طويلة بسبب الجوع.
- الكثير يلجأ الى حيلة ممارسة الرياضه لزيادة معدل الحرق في الجسم. هل تعلم ان العديد من الدراسات التي تابعت الأشخاص الممارسين للرياضه لغرض فقدان الوزن، ولَم تجد لها اي تأثير إيجابي . هناك دراسة قام بها الباحثين بتدريب أشخاص غير رياضيين على الركض لغرض المشاركة بالماراثون. هؤلاء الأشخاص زادوا من نشاطهم الجسدي بشكل كبير، وقاموا فعلاً بالمشاركة في الماراثون. لكن ما يدعوا للدهشة والأسف ان الغالبية العظمى من هؤلاء الأشخاص زاد وزنهم (القليل لم يتغير وزنهم) خلال الخمسة سنوات التي تم متابعتهم بها. جزء من هذا يرجع الى ان الأشخاص يميلون الى زيادة كمية الطعام المتناول بعد ممارسة التمارين الرياضية، كما ان البعض منهم يجد انه من المقبول تناول الوجبات العالية السكريات والدهون بعد ممارسة المجهود العضلي. وبهذا تفقد فائدة الرياضه بحرق السعرات الزائدة. السبب الاخر يرجع الى خفض الجسم لمعدل الأيض في الخلايا الاخرى(غير العضلات) حتى لا يقضي عليه الجوع. انا لا أنكر فائدة الرياضة لصحة الجسم والقلب، ولكن تذكر ان استخدامها كأداة لفقدان الوزن لا تدعمه الدراسات.
إذاً هل هذا يعني ان الفرق بين السعرات المتناولة والسعرات المحروقة هو مبدأ خاطيء تماما؟ الجواب: لا. لتفقد الوزن تحتاج الحصول على هذا الفرق، ولكن السؤال يجب ان يكون: كيف سنحافظ على هذا الفرق. كما وضحت أعلاه هذه المهمه صعبة الإنجاز باتباع أنظمة السعرات.
إذاً لماذا لا يتسبب النظام القليل الكاربوهيدرات بنفس التأثير السلبي على معدل الأيض ، على الرغم من ان الكثير من الناس يجدون انهم يتناولون بشكل عام كمية اقل من السعرات مقارنة بغذائهم السابق؟
عند اتباع هذا النظام دائماً ما تكون نسبة هرمون الأنسولين منخفضة في جسمك. تذكر ان الأنسولين يمنع تكسير الدهون واستخدامها كوقود. بمجرد انخفاضه انت تعطي الضوء الأخضر لجسمك لحرق الشحوم واستخدامها كوقود. هذا يعني انك حتى في حالة حد كمية السعرات او الطعام المتناولة (او انعدام الطعام المتناول مثل في حالة الصيام) ، جسمك ونظام الأيض لا يشعر بهذا حيث ان الطاقة الكافية دائماً متوفرة ( اما من الطعام المتناول او تكسير الشحوم المخزونة). لهذا ليس لهذا النظام تأثير سلبي على معدل الأيض، بالعكس البعض يرجح زيادة معدل الأيض على هذا النظام. الدليل؟ عدم الشعور بالجوع او الخمول بعد الأسابيع الاولى من اتباع النظام، والاستمرار بفقدان الوزن حتى بعد أشهر عديدة من اتباع النظام ( بعض النظر عن التوقفات بين فترة واُخرى ).
هناك جزء اخر لفقدان السعرات التي تتناولها عند اتباع النظام القليل السعرات: الكيتونات المفقودة في الادرار. الكيتونات هي مصادر طاقة ناتجه عن تكسير الدهون. بما معناه انك لا تعتمد فقط على كمية السعرات المحروقة في جسمك ولكن جسمك يتخلص من جزء من هذه السعرات بالادرار. هذا هو من المرجح السبب وراء ان بعض الأشخاص يفقدون الوزن على هذا النظام حتى وان كانوا يتناولون كمية كبيرة من السعرات.